هناك رجلا دميما . قبيح الوجه و لكن لقبح وجهه مذاق خاص ... فهو على الرغم مما يوحى به من النفور فهو لا يخلو من اثار وسامة زائلة
لو اطلت النظر فى الوجه لاكتشفت ان ليس للوجة و قسماته ذنبا فى هذا القبح الدخيل و لكن القبح ناتج من مجموعة من الجروح المتتالية المتتابعة ... كل ذلك يضفى احساسا بالقبح و لكنه يعمق فى النفس شجنا ما
يحكى ان
قصة حب غنت لها عصافير الغابة وقعت بين امير المملكة و فتاة رقية كانت بنتا لحطاب يسكن على اطراف الغابة و كان هذا الحطاب لا يسمح لاحد برؤية ابنته و لا يسمح لها بالخروج .. كان الحطاب رجلا فقيرا و لكنه لم يكن كمثله من فقراء المملكة و لكنه كان يطمع دائما فى ان يتخلص من هذا الفقر و كان دائم الثرثرة و كثيرا ما كانت الحيوانات فى الغابة تهرب منه و هى تراه قادما حاملا فأسه و كانت القردة تتقافز من شجرة الى اخرى لتنبه العصاقير كى يحملوا اطفالهم بعيدا عن فأس الحطاب
يحكى أن
الرجل الدميم كان يخرج كل يوم من كوخه الصغير الذى يتوسط الغابة ليطعم الحيوانات و الطيور
يحكى أن
اراد الملك ان يصنع سفينة من الخشب ليسافر بها ابنه امير البلاد الى بلاد بعيدة ليجد له عروس فعلم الحطاب بأمر ذلك فعرض على الفور خدماته على الملك و قرر ان يعمل طوال الليل و النهار على قطع الخشب من الغابة فعندماعلمت الحيوانات و الطيور بهذا الامر اتجهوا مسرعين الى بنت الحطاب كى يستنجدوا بها مما سيقوم به ابوها .. فوقفوا منتظرين خروج الحطاب الى العمل ثم تسلل بعضهم الى الداخل فوجدووها نائمة و على خدها دمعة .
نظروا اليها فانبهروا بجمالها الطاغى و رقتها و أنوثتها فظلوا منبهرين بجمالها غير مصدقين انها من بنى الانس و غربت الشمس و هم مازالوا ينظرون اليها و هى تتقلب على سريرها حتى دخل عليهم الحطاب ففزعوا ... فعندما رآهم ينظرون اليها بكى بكاءا شديدا و أخبرهم انها مريضة و ان علاجها فى المدينة البعيدة التى سيسافر اليها الامير و انه كان يتمنى ان يكون ثمن عمله فى السفينة هو علاج ابنته و اخبرهم انه حزين من أجل الغابة التى سيقطع اخشابها و لكنه يجب عليه انقاذ ابنته فهو لا يستطيع السفر
بعدها خرجت الحيوانات و الطيور حزينة و كان لا يخفى على احد انهم انجذبوا لسحر هذه الفتاة الرقيقة بل و أصبحوا يحبونها اكثر من غابتهم و على استعداد ان يضحوا من أجلها بالغابة
و لكن الحمار صرخ فيهم فقال .. ان ما يقولونه هو الجنون بعينه ان الوطن لا يقدم كهدية يا ابناء الغابة الجميلة و لكنهم لم يسمعوا لقوله حتى جاء الثعلب بفكرة بها حل وسط ان يجعلوا الامير يرى الفتاة النائمة المريضه فيقع فى حبها من فرط جمالها فيقوم باحضار العلاج لها
فقال الحمار و لكن هذا سيؤكد لديه طلبه فى السفينة فسينقطع خشب الغابة لا محالة فقال الثعلب بخبث و لكن الامير سيتزوج من فتاة من الغابة و بهذا سيبدلنا الغابة بقصر ملكى و أكد الحطاب على ذلك و أخبرهم انه سيكون مهر ابنته
فانبهر الجميع ما عدا الحمار و ظلوا اياما و اياما يحلمون بانهم سيعيشون فى القصر بل و اصبحوا يساعدون الحطاب على قطع الخشب و يسخرون من الحمار الذى قرر ان يرحل عنهم
و بالفعل انتهى الجميع من قطع الغابة و خشبها و صنعوا سفينة ضخمة للامير و هنا دعى الحطاب الامير للحضور للغابة لرؤية السفينة فحضر موكب الامير و انبهرت الحيوانات بزينة الموكب و اعجبت السفينة اللامير و قرر ان تكون هى السفينة التى يركبها فى رحلته فسأل عن الثمن فأخبروه بحكاية الفتاة و علاجها فسألهم عن مكانها و عندما رآها حدث ما توقعه الجميع و وقع فى حبها من أول وهلة
و بالفعل سافر الامير و احضر معه من البلاد البعيدة علاجا سحريا و مجموعة من السحرة ... و ظلت الحيوانات تحلم بالقصر الذى أخبرهم به الحطاب بدلا من الغابة و قام السحرة بعلاج لفتاة فاستيقظت و لكنها لم تكن ترى و أخبرها أبوها بما حدث ففرحت أن الامير أحبها و بعد ذلك خيم الليل على الغابة فرحل الجميع فى انتظار ان يكون الغد هو اليوم المنتظر
و هنا تحدث الحطاب مع ابنته ان القصر من حقها وحدها و ليس من حق هؤلاء الحمقى حيوانات الغابة فاقتنعت الفتاة و قالت لابيها انها اجمل فتاة على وجة الارض و انها لا يليق بها ان تتزوج من الامير انها يجب ان تتزوج من الملك و اتفقت مع السحرة ان يقوموا غدا بمؤامرة لحبس الامير بالغابة
و فى الغد جاء الامير لينفذ وعده و يتزوج من الفتاة وينقلهم للعيش فى القصر و احضر له الحطاب و السحرة الطعام فعندما أكل أغشى عليه تماما و قام السحرة بلعن الغابة و أصبحت سجنا للأمير و للحيوانات و الطيور و بالفعل قام الحطاب و ابنته بغواية الملك و تزوج منها الملك و نسى ابنه بمعاونه السحرة
أما الغابة فقد أصبحت مسحورة لا يستطيع الحيوانات الخروج منها الا و انقضت عليهم بقايا الاشجار لتجرج وجوههم فيعودوا أدراجهم مرة أخرى
أما الامير فظل كل يوم يحلم بالخروج من الغابة لينقذ المملكة من زوجة ابيه الشريرة و ابوها و السحرة و لكنه كان يعانى من لعنة اشجار الغابة التى كانت تنقض عليه فتجرح وجهه
الغريب فى الامر أن الوحيد الذى كان يدخل و يخرج من الغابة بحريه هو الحمار فكان يخرج فيأتى بالطعام فيحمله و يدخل به الى اطراف الغابة و يذهب الامير ليأخذ منه الطعام و يعود الى حيوانات الغابة يطعمها
فأصبح وجهه كل يوم يزداد جرحا حتى صار وجهه قبيحا اما الشجن فكان مصدره حزنه على بلاده التى ضاعت اجمل ملامحها الا و هى الغابة التى اضاعتها حيوانتها و انحصار رؤية اميرها
و
مع بزوغ البدر كل شهر كان الجميع يتجمع فى منتصف الغابة يتحاكون عن أميرا عاش وسطهم ووعدهم ان يستبدل غابتهم قصرا و لكنه لم يفعل و أنهم كانوا يوما احرارا و لكنهم حبسوا فى وطنهم بارادتهم و ظلوا يلعنون اجدادهم من الحيوانات التى تسببت فى ذلك
و مع الوقت اصبحت الحرية اسطورة و اصبحوا لا يصدقنوها و اصبحوا يسخرون من اى حمار يخبرهم ان هناك بالخارج حياة اخرى اما السحرة و احفاد الفتاة فهم من حكموا المدينة بالخارج و ظلت الغابة بالنسبة اليهم رمزا كبيرا لتاريخهم
>